بقلم المهندس محمد خضر الدح
لطالما كان الاستعداد للمستقبل هو السمة العامة للنجاح الإماراتي المسبق في المجالات كافة، ومن هذا المنطلق تبرز استعدادات التكيف مع التحول المناخي كإحدى المحطات المهمة التي تتوقف عندها الدولة وتُسخر كل الإمكانات لتنفيذ برامج أكثر طموحاً للحفاظ على البيئة، وقيادة دول المنطقة في هذا القطاع المهم مستقبلاً.
وقبل أن أسرد ملامح استعدادات الدولة، يجب أولاً معرفة أن المناخ دائماً في تغير مع مرور الوقت، لكن نسبة التغير في زمننا الحالي كانت الأعلى منذ بدء رصد حجم الانبعاثات الضارة.
وأخيراً رصد العلماء أن منتجات النفط والغاز الطبيعي تسببت في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في المناخ عام 2020 إلى أعلى رقم منذ بدء التاريخ، كذلك كانت أعمال البناء تنتج نحو 40% من هذه الانبعاثات. وكشفت الدراسات أن 800 مليون نسمة (تعادل 11% من سكان الأرض) عرضة لآثار التغير المناخي، مثل الجفاف والحرائق وموجات الحر والفيضانات وزيادة في منسوب المياه.
وكل هذه الأمور دفعت دولة الإمارات إلى الاعتناء مبكراً بقضية البيئة وما يتعلق بها من آثار سلبية على الثروة الغذائية والسمكية والتصحر وتحديات أخرى.
وتركز خطط الإمارات الطموحة نحو الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية للأجيال المقبلة، وتنظيم الاستهلاك والإنتاج بشكل مسؤول عبر استراتيجية الإمارات للطاقة 2050.
وأرى أننا كمهندسين متخصصين يمكن إبراز دورنا في خطط الدولة البيئة المستدامة التي تتكيف مع التحولات المناخية، وأستطيع أن أحدد نقاطاً رئيسة عدة في هذا الأمر:
1- يمكن دراسة الخطط الحضرية لمنع توسع المدن بشكل أكبر من اللازم عن طريق الاستثمار في زيادة الكثافة السكانية في مناطق مناسبة، مع إعادة استخدام وتأهيل المباني القديمة بدل هدمها، والحفاظ على الطابع المعماري القديم حسب اللازم.
2- على مستوى الشركات والأفراد، يجب الإصرار على طلب مبانٍ خضراء مصممة بشكل يضمن تعدد الاستخدامات المستقبلية (للتقليل من آثار الهدم السلبية) وترشيد الاستهلاك لموارد العالم المحدودة، إذ يمكن للمهندس المدني أو الإنشائي، تصميم مبنى بشكل يخفف من وزن المبنى نحو 10%، هذا سينعكس إيجابياً في البصمة الكربونية للبناء.
3- أما على مستوى الجمعيات المهنية والجهات المختصة، فيمكن تشجيع ثقافة ترشيد استهلاك المياه وإعادة استخدامها مثل مبدأ المياه الرمادية التي تحول مياه غسل الملابس مثلاً إلى مياه لري النباتات، كذلك نشر ثقافة العزل الحراري الصحيح للمباني، بالإضافة إلى تعظيم دور البلديات الفعال عن طريق أنظمة المباني الخضراء وجهود جهات مثل بلدية دبي (نظام سعفات) ودائرة الأراضي والأملاك (نظام تصنيف المباني).
4- بالنسبة للأفراد، ملّاك العقارات، يجب ألا تصمم منزلك بنوافذ كبيرة مواجهة للشمس، والأفضل نوافذ أصغر باتجاه الشمس وأكبر في اتجاه الظل. وأقترح بقوة النظر في أنظمة تسخين المياه بالألواح الشمسية وتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، إذ يمكن أيضاً إعادة بيع الطاقة لشركات الكهرباء في مبادرات جديدة أطلقتها الدولة.
وأختم بالقول إنه «على الجميع تحمل مسؤوليته بكل شفافية وعزم، سواء كان حكومة أو قطاعاً خاصاً، شركات أو أفراداً.. لضمان بيئة مناسبة وصحية لأبنائنا وأحفادنا».