مشاهير «تواصل اجتماعي» يبحثون عن «لايكات» بسلوكيات غريبة

 

دبي | المرصد | تكنولوجيا

حذر مختصون أمنيون من سلوكيات غريبة وغير سوية يرتكبها بعض مشاهير التواصل الاجتماعي، بحثاً عن الشهرة والحصول على المزيد من المتابعين على حساباتهم، ما يتسبب بتأثيرات اجتماعية سلبية في الأفراد، ومنها نشر شائعات ومعلومات مضللة، وتصوير ذويهم من آباء مرضى داخل مستشفيات، وأمهات في المنازل، واستغلال الأطفال في مقاطع فيديو، من أجل الحصول على «لايكات».

وحذروا من نشر الشائعات والمعلومات مجهولة المصدر، خصوصاً التي تمس هيبة الدولة، وكذا من مخاطر الجريمة الإلكترونية، وتأثيراتها في أفراد المجتمع وأمنه واستقراره، مشددين على أن مسؤولية محاربة هذه السلوكيات مشتركة بين مؤسسات الدولة والأسرة وأفراد المجتمع، مؤكدين أهمية زيادة الوعي الرقمي للحد من المخاطر التكنولوجية الحديثة.

وتفصيلاً، أكد رئيس النيابة الاتحادية لجرائم تقنية المعلومات، خالد مبارك المدحاني، خلال مجلس نظمته وزارة الداخلية عن بعد، أول من أمس، حول «المخاطر المجتمعية للتكنولوجيا الحديثة»، أن الإمارات تعد من الدول السباقة في سنّ القوانين والتشريعات بكل ما يتعلق بالجرائم الإلكترونية وأمن الفضاء الإلكتروني لحماية أفراد المجتمع، ومكانة الدولة من ضعاف النفوس، أو أي شخص قد يرتكب جريمة من خلال التكنولوجيا الحديثة.

وحذر من مخاطر التكنولوجيا الحديثة على أفراد المجتمع، مؤكداً أهمية التكاتف والتعاون من أجل تحقيق الحماية من هذه المخاطر، والمحافظة على استقرار المجتمع وهويته.

واستعرض المدحاني المنظور القانوني في مواجهة المخاطر المجتمعية للتكنولوجيا الحديثة، قائلاً إنه «مع تزايد نسبة استخدام أجهزة الحاسب الآلي وشبكة المعلومات والتكنولوجيا المتقدمة، زادت في المقابل نسبة الجرائم الإلكترونية، التي تُرتكب باستخدام التقنيات الحديثة، وتهدد أفراد المجتمع، بسبب قيام بعض ضعاف النفوس باستغلال التكنولوجيا الحديثة في تحقيق مآربهم وأهدافهم، لهدم المبادئ والقيم التي قامت الدولة ببنائها».

وتابع أن الأمر يتطلب توفير فضاء إلكتروني آمن، لحماية مصالح المجتمع وأفراده عند استخدام التكنولوجيا، من خلال وضع القوانين والتشريعات المختلفة لمكافحة جرائم تقنية المعلومات مهما تعددت أشكالها وأنماطها، وحماية البيانات الشخصية للأفراد، والمؤسسات، ومكافحة الأفكار الهدامة والشيطانية، التي تسعى للقيام بأي أعمال لها علاقة بالتطرف والجريمة أو الإرهاب، وكذا انطلاقاً من استراتيجية الدولة في حفظ وصون أمن الأفراد والمؤسسات من أي انتهاكات أو إساءات تمس أمنهم واستقرارهم.

وتطرق المدحاني إلى دور النيابة في مكافحة المخاطر الاجتماعية المترتبة على التكنولوجيا الحديثة، مؤكداً أنه من واقع العمل الميداني والتحقيقات، تم تصنيف المجرمين إلى أصناف عدة، الأول المخترق وهو شخص يخترق موقعاً إلكترونياً أو شبكة معلوماتية للحصول على بيانات سرية تخص أشخاصاً أو مؤسسات أو هيئات حكومية، سواء كانت اتحادية أو محلية، وهناك أشخاص محترفون وهم أشد خطورة، ويقومون بتنفيذ جرائمهم من خلال تخطيط ومنهج معين في أنشطتهم، من أجل الحصول على معلومات أو بيانات، أو من أجل تدمير موقع إلكتروني، بما يلحق الضرر بالمجتمع ومؤسساته وأفراده، وهناك أيضاً الأشخاص الحاقدون الذين يرتكبون جرائمهم من أجل الانتقام، أو رغبة في الإضرار بسمعة وهيبة مؤسسة أو كيان، ومكانة الدولة من خلال التكنولوجيا الحديثة، بما يلحق الضرر بأفراد المجتمع.

واستعرض أبرز الجرائم الإلكترونية التي تم رصدها، ومنها جرائم تهدف إلى نشر معلومات وشائعات تهدف إلى الإخلال بالأمن العام، وإحداث الفوضى، وإضعاف نفوس أفراد المجتمع وولائهم وانتمائهم، وهي ذات خطورة عالية وتسعى لخلق فجوة بين أفراد المجتمع ومؤسساته وهيئاته، وهناك جرائم الاحتيال الإلكتروني والتزوير، والقرصنة، من خلال اختراق موقع إلكتروني معين، وشبكة معلومات للحصول على بيانات ومعلومات سرية تخص أشخاصاً، أو معلومات الاعتداء على خصوصية الأفراد والدولة ومؤسساتها.

ولفت المدحاني إلى أنه من واقع القضايا والتحقيقات، تم التوصل إلى دوافع عدة لارتكاب هذه الجريمة، وهي دوافع لا يعتد بها في القانون، وذلك من أجل وضع حلول وقائية تمنع حدوثها مستقبلاً، ومن هذه الدوافع رغبة المجرم في تحقيق ربح مالي، ومن صور ذلك الابتزاز الإلكتروني الحصول على صور خاصة بالضحية، وابتزازه من خلال وسائل تقنية المعلومات للحصول على ربح مادي، والدافع الثاني التسلية والرغبة في إظهار القدرة التقنية للمجرم، ومنها على سبيل المثال شخص يصور مقطعاً مرئياً للضحية وينشر المقطع للآخرين على التكنولوجيا، من أجل التسلية أو تحقيق مآرب دنيئة غير عقلانية، وهناك دافع الحقد والرغبة في الإضرار بشخص أو مؤسسة أو الدولة.

من جانبه، استعرض مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، الدكتور عمر حبتور ذيب الدرعي، المخاطر المجتمعية والدينية المترتبة على التكنولوجيا الحديثة، مؤكداً أهمية استثمار التكنولوجيا بشكل إيجابي، بما يفيد أفراد المجتمع والمحافظة على القيم الدينية والمجتمعية، لافتاً إلى أن الدولة حققت على المستوى المحلي، خلال السنوات الـ10 الماضية، نجاحاً في محاربة الأفكار الدخيلة والمتطرفة بفضل نشر التوعية.

وأكد أهمية التحصين والمنع والتأمين ضد محاولات استهداف الشباب من مخاطر الاستقطاب الخارجي والتشدد، والمعلومات المضللة والمشبوهة، والأساليب الملتوية من الجماعات المختلفة، والتنكر للثوابت الدينية والمجتمعية.

وشدد الدرعي على أهمية تعزيز قيم المسؤولية والتحري قبل نشر المعلومات، والتأكيد على تحريم نقل الشائعات والمعلومات المضللة وتعزيز التربية الرقمبة، واستحداث محتوى تخصصي في المؤسسات والمساقات التعليمية الجامعية والمدرسية، والمنابر، والأسرة، وتعزيز القيم الإنسانية وترسيخ الهوية الوطنية.

من جانبه، أفاد الباحث والأكاديمي بتقنية المعلومات والجريمة الإلكترونية، الدكتور عبيد صالح حسن المختن، بأن من فوائد وإيجابيات جائحة «كورونا» أنها شجعت المترددين على استخدام التكنولوجيا، بشكل واسع، وأصبحت الأعمال والدراسة والتدريب تنفذ عن بُعد، لكن في المقابل هناك مخاطر تكنولوجيا تتمثل في تطويع الإنترنت لارتكاب جريمة عن بُعد.

ولفت إلى إشكاليات عدة تواجه مستخدمي التكنولوجيا الحديثة، منها انعدام الخصوصية، والابتزاز، وشيوع الجريمة وسهولة ارتكابها، حيث باتت الجريمة الإلكترونية أكثر تحصيلاً للأموال بما يفوق تجارة المخدرات، ما شجع عصابات المافيا في الخارج على ممارسة نشاطهم عن بُعد، كما أن هناك إشكالية تتمثل في صعوبة الوصول إلى المتهمين وطمس الأدلة، وزيادة الأعباء على رجال الأمن في التعامل مع الجريمة الإلكترونية وتعباتها.

وأشار المختن إلى إشكالية الانشغال المزيف بوسائل التواصل الاجتماعي، وقضاء أفراد الأسرة ساعات طويلة في الفضاء الإلكتروني عبر هواتفهم، تصل إلى 15 ساعة يومياً، سواء في المنزل أو العمل أو في الخارج، مضيفاً أن هذا الانشغال سبب رئيس لوقوع بعضهم ضحية للجريمة.

وتابع أن بعض مشاهير «السوشيال ميديا» ينشرون جوانب سلبية وتفاهات بهدف الشهرة والحصول على «لايكات»، ويستغلون أطفالهم، وبعضهم يصور أمه في البيت، وأباه في المستشفى، أو يصور نفسه وهو يرقص، من أجل تحقيق متابعة كبيرة، مؤكداً أهمية أن تتدخل المؤسسات المجتمعية لوقف مثل هذه السلوكيات والمخالفات.

تأثيرات إيجابية وسلبية

قال نائب مدير إدارة الدعم الاجتماعي الاتحادية، العقيد راشد أحمد العوبد، إن انتشار التكنولوجيا الحديثة كان له تأثيرات إيجابية وسلبية، حيث يرجع أثرها إلى الكيفية التي يستخدمها الأفراد، إذ سهلت الحياة اليومية في العديد من المجالات، وفي الوقت ذاته كان لها آثار سلبية على مختلف الأصعدة.

واستعرض أبرز المخاطر للتكنولوجيا الحديثة، ومنها ضعف التواصل الفعلي بين الأفراد، وقلة الخصوصية، واكتساب سلوكيات غير سوية، مثل العنف والخوف والعزلة الاجتماعية، وزيادة متطلبات الحياة.

ولفت إلى دور مجلس جودة الحياة الرقمية في تعزيز المجتمعات الرقمية الإيجابية بالدولة، ودعم فئات المجتمع خصوصاً ذوي طلبة والأسر في مواجهة تحديات العالم الرقمي، ورفع مستوى الوعي المجتمعي لفرصة وتحديثاته وسبل الوقاية منها، وتعزيز المواطنة الرقمية الآمن والسلوكيات الإيجابية في العالم الرقمي.

عقوبة نشر الشائعات

نبّه رئيس النيابة الاتحادية لجرائم تقنية المعلومات، خالد مبارك المدحاني، إلى الجرائم الإلكترونية التي تشكّل خطورة على المجتمع، مثل نشر الشائعات ومعلومات غير صحيحة، بما يمسّ مكانة الدولة وهيبتها وسمعتها.

وأوضح أن المشرع وضع عقوبة منفصلة لكل نوع من الشائعات، فالشائعة التي تتعلق بالأشخاص تصل عقوبتها إلى الحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، وبالنسبة للشائعات التي تضر بمكانة الدولة صورتها وهيبتها فتصل إلى السجن المؤبد من ثلاث سنوات إلى 15 سنة، وذلك رغبة من المشرّع في وضع ضوابط وأسس عند استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتوفير فضاء آمن وإلكتروني لجميع أفراد المجتمع.