الإرث …

 

بقلم الدكتور زين عبد الهادي

سألني احد طلبة القسم اول امس على الهاتف، ويبدو ان ذلك كان بإيعاز من أحد مدرسيه، هذا الطالب وفرقته لم ادرس لهم،

– ممكن اسأل حضرتك سؤال من غير ماتزعل مني؟

– مش هازعل ماتقلقش!

– ماذا قدمت للعلم؟

لم املك سوى الابتسامة، فمن حقه ان يسأل، سألته

– هل سألت بقية مدرسينك هذا السؤال،

قال

– لم اود لأنهم شباب ربما لم يقدموا شيئا للآن؟

كان محقا في تخوفه، قلت له

– الحقيقة لا اعتقد انى قدمت شيئا، ولا أظنني سأقدم شيئا

رفع حاجبيه متسائلا

– كل دكاترتنا وجهونا إليك .. للإجابة عن هذا السؤال؟

-سألته من من اساتذتك؟

قال

-كلهم يقولون بأنهم تلاميذك وحصلوا على درجاتهم العلمية على يديك

قلت له

– ألا يكفيك ذلك؟

قال

– لايكفيني ان تعلمهم، او تعلمنى انا بحاجة لمعرفة كيف يكون أستاذ الجامعة أستاذا حقيقيا؟

قلت له

– هذا سؤال صعب و اجابته أيضا ليست سهله

.ثم سألته

-هل تعرف معنى كلمة إرث.. اي مايمكنك أن ترثه من شخص آخر كأبيك مثلا

– نعم

– هناك من الناس من لاقيمة لهم مهما كانت مناصبهم، فهم موظفون، وهؤلاء لا ارث لهم ولن يكون لكنهم يفعلون شيئا مفيدا هو ان يحافظوا على ارث من سبقوهم دون ان يضيفوا اليه شيئا!

– وهناك من قدموا عملهم كوظيفة ومهنة، وهؤلاء اكثر حظا قليلا.. سيكون لديهم ارث ضعيف!

-وهناك من قدموا علماء وفكر وخدموا مجتمعاتهم.. هؤلاء نوع نادر، ليس هناك كثير منه.. وهؤلاء اصحاب الارث الحقيقي.. اذا اردت ان تعرفهم ستجدهم اصدقاء لايتعالون على طلابهم/ابنائهم، يتعاملون بديمقراطية كاملة، يبحثون عن تحقيق طموحاتهم، من ناحية اخرى ستجدهم يقدمون الاخرين على انفسهم ويتعرضون للخديعة بكل سهولة لكنهم لايعبأون بذلك فرؤيتهم للحياة لها نكهة مختلفة، ستجدهم يسبقونك على الطريق لتنظيفه.. لأنهم يعتقدون اعتقادا جازما بأن طريق ابنائهم يجب ان يكون نظيفا حتى يمكنهم ان يخوضوا الحياة بسهولة، كما ان علمهم غير مطروق!

سكت قليلا

– مش عارف اقول لحضرتك ايه

– ماتقولش.. قلتلى كنت عايز ايه؟؟!

وصلتني ضحكته وضحكت معه، لكنى بالفعل كنت افكر في الأمر!