دبي، المرصد، متابعات
أكد مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، المهندس عمران شرف، أن لدى الإمارات مشروعات فضائية عدة سيُعلن عنها مستقبلاً.
وقال للزميلة لـ«الإمارات اليوم»: «نحن مستعدون لتنفيذ أي مهمة تسهم في دفع طموحات البشرية في المرحلة المقبلة، لا سيما وصول البشر إلى المريخ».
وأضاف أن المسبار قطع ثلاثة أرباع المسافة بين الأرض ومداره المريخي (أكثر من 398 مليون كيلومتر) في ستة أشهر، اجتاز خلالها كثيراً من التحديات والعراقيل، كما رصد العديد من البيانات العلمية، والتقط مجموعة من الصور للفضاء العميق، سواء بواسطة أجهزته العلمية أو بجهاز تتبع النجوم.
وأكد أن الفريق يتمتع بمعنويات عالية، ومستعد للتعامل مع أي عوائق أو تحديات يواجهها المسبار خلال مهمته الاستكشافية، لافتاً إلى خطوات عدة يؤديها الفريق منذ انطلاق المسبار في 21 من يوليو الماضي، وتستمر خلال رحلته، للتعامل مع أي تحديات يواجهها لضمان نجاح مهمته.
ولم يتبقَ أمام المسبار سوى 43 يوماً للدخول إلى مداره حول المريخ (الكوكب الأحمر)، للبدء في تنفيذ مهمة دراسة الغلاف الجوي للكوكب، التي ستقدم للمجتمع العلمي العالمي معلومات يحصل عليها للمرة الأولى.
وتفصيلاً، قال المهندس عمران شرف، في رده على سؤال حول حالة المسبار وأجهزته والعوائق التي واجهته خلال رحلته: «لم يتبقَ سوى 43 يوماً تفصل المسبار عن بدء دخوله إلى مداره حول الكوكب الأحمر، ونؤكد أن حالة القمر الاصطناعي وأنظمته الفرعية وأجهزته العلمية الثلاثة جيدة وتعمل بكفاءة عالية، منذ الإطلاق (في 21 يوليو الماضي)».
وأضاف أن «المسبار مرّ ببيئات مختلفة بين الأرض والكوكب الأحمر، وواجه عوامل مؤثرة، منها البعد عن الشمس، وتأثير ما يسمى بالرياح الشمسية، والأشعة الموجودة في الفضاء الخارجي. ولذلك ينصب تركيز فريق المشروع، حالياً، على تحليل البيانات التي يجمعها المسبار خلال رحلته عن البيئات التي يمر بها. وهو يراقب أيضاً صحة الأنظمة الفرعية فيه، ويتابع تفاعل الأجهزة العلمية مع هذه البيئات».
وأكد شرف أن الفريق تمكّن من جمع صور وبيانات علمية، قبل وصول المسبار إلى مداره، منها صور التُقِطت بجهاز تتبع النجوم، الذي يستخدم لجمع المعلومات حول موقع المسبار، إضافة إلى صور أخرى للكوكب الأحمر.
وقال إن القمر الاصطناعي رصد بيانات علمية تشمل قياس نسبة الغبار الموجود بين الكواكب، ودراسة طبقة الهيدروجين حول الكوكب الأحمر قبل الوصول إليه. ونفذ الفريق عملية تصويب لـ«مسبار الأمل» نحو مسبار آخر، أطلقه الاتحاد الأوروبي إلى كوكب آخر، بهدف دراسة المنطقة الموجودة بين المسبارين، وجمع البيانات منهما والمقارنة بينها.
وتابع أن الفريق يعمل حالياً على تهيئة المسبار للدخول إلى مداره حول الكوكب الأحمر، لافتاً إلى أن هذه العملية هي إحدى أهم العمليات التي يمر بها المسبار، لأنها تلخص المخاطر التي مرّ بها منذ مرحلة البناء. كما أنها ترتكز على ضرورة أن يدخل إلى المدار الصحيح بتوجيه صحيح في وقت صحيح، ومتابعته بعد الدخول للتأكد من أنه يعمل بطريقة سليمة، وكل ذلك في حدود 28 دقيقة فقط.
وشرح شرف أن الخطة كانت تقتضي أن يمر المسبار بسبع عمليات، خلال رحلته إلى المريخ. ولكن بعد نجاح العمليات الثلاث الأولى أصبح من المحتمل أن تُنفذ عملية واحدة أخرى فقط، قبل الدخول إلى المدار حول المريخ. ومن ثم، تكون الخطة قد اختُصرت من سبع عمليات إلى أربع فقط، ما يؤكد نجاح الفريق في إدارة المسبار وتوجيهه نحو الكوكب الأحمر.
ولفت شرف إلى أن المسبار يتعرض لنسبة عالية من الأشعة في الفضاء العميق، لكن الفريق يجري عمليات تقنية معينة تضمن عدم تضرره بها، منها التأكد من صلاحية البرامج المخزنة في القمر الاصطناعي، وعدم تأثر البيانات التي يستعملها ذاتياً في التوجيه والملاحة والانتقال، وعدم تأثر مكونات الأجهزة العلمية. وهو يواصل إدارة المخاطر بحرفية شديدة، تضمن سلامة المسبار.
وأوضح شرف أن المخاطر حول مهمة المسبار مازالت قائمة، إذ إن 50% من المهمات التي أرسلتها دول أخرى إلى الكوكب الأحمر انتهت بالفشل، والطريقة الوحيدة للتعامل مع احتمالات الخطورة لضمان نجاح المسبار في مهمته، هي متابعة المسبار وفهم آلية عمله في التضاريس التي يمر عبرها حالياً، وإدارته بطريقة فعالة، ووضع الخطط لإدارة المخاطر ومواجهة أي مشكلة طارئة، والتأكد من أن نظام التحكم في المسبار وبرمجياته تستطيع أن تدير عملية التدخل في حال حدوث أي مشكلة في النظام الذكي، كما أن الفريق ينفذ بشكل مستمر اختبارات عدة للتأكد من فاعلية الإجراءات التي يتخذها، سواء على متن المسبار نفسه أو على نموذجه الهندسي الموجود في مركز محمد بن راشد للفضاء.
وأكد أن الفريق يتمتع بمعنويات عالية، فضلاً عن استعداده للتعامل مع أي تحديات، في مرحلة الرحلة إلى الكوكب الأحمر. وقد أثبتت المراحل التي تخطاها أنه قادر على إنجاز المهمة وإدارتها بالشكل الصحيح، إضافة إلى أن الفريق يفهم بوضوح طابع التحديات التي سيواجهها في المستقبل بخصوص هذه المهمة.
وقال شرف إن المسبار سيقدم دراسة حول العلاقة بين الطبقة السفلى والطبقة العليا للغلاف الجوي لكوكب المريخ بصورة شاملة في أوقات مختلفة من اليوم، وفي مواسم مختلفة من العام، وبذلك سيحصل المجتمع العلمي حول العالم، مجاناً ولأول مرة، على صورة شاملة ومتكاملة للغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة من اليوم، وفي مواسم مختلفة من العام. وستثير الدراسة العديد من الأسئلة حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، ستحتاج الإجابة عنها إلى مهمات استكشافية مستقبلية. وهذه الدراسة هي ما يميز «مسبار الأمل» عن غيره من مشروعات استكشاف المريخ التي أرسلتها دول أخرى، وركزت على دراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات معينة من اليوم وفي مواسم معينة من العام.
وتعتبر دراسة الغلاف الجوي المهمة الأساسية للمسبار، فيما سيؤدي مهمات أخرى، منها جمع البيانات عن نسبة الغبار الموجود بين كوكب الأرض والمريخ، وسيتم توفيرها للمجتمع العلمي على مستوى العالم.
وحدد شرف جوانب تميز «مسبار الأمل» عن غيره من المسابير الأخرى، منها أنه سيجيب عن أسئلة يتعطش العلماء حول العالم للحصول على إجابات وبيانات حولها، وأنه أنجز في فترة زمنية لم تتعدَّ ست سنوات، وهي أقل فترة زمنية لبناء مشروع استكشافي في العالم. كما أن النهج الذي اتبعه الفريق في تنفيذ المهمة هو نهج إماراتي فريد، مبنيّ على التعاون الدولي والخبرات السابقة.
وعن الخبرات الفضائية للكوادر الإماراتية التي شاركت في بناء المسبار، أفاد شرف بأن أكثر من 450 شخصاً أسهموا في إنجازه، بينهم 200 شاب إماراتي.
وقال: «عندما بدأنا في تنفيذ المشروع لم يتخطًَ عددنا 75 مهندساً ومهندسة من الإماراتيين. وتنامى العدد حتى بلغ 200 إماراتي وإماراتية، ولم يكونوا جميعاً يتمتعون بخبرات في مجال الفضاء. بل حتى أصحاب الخبرة الفضائية منهم لم يسبق لهم أن شاركوا في تنفيذ مشروعات لاستكشاف الفضاء العميق».
وأشار إلى أن متوسط أعمار الفريق هو 27 سنة، وبينهم 34% من الإناث، و50% من القيادات الأساسية للمهمة من الإناث، وحصلن على أدوارهن في المهمة بناء على كفاءاتهن وإنجازاتهن وعملهن الدؤوب.
وشدد شرف على دور المجتمع، خصوصاً الشباب، في تحقيق النتائج التي توصل إليها «مسبار الأمل» على أرض الواقع.
وقال إن فريق المسبار يقدّم ما يستطيع تقديمه من توفير البيانات والدعم من ناحية الأدوات والمعرفة، للجهات والقطاعات المختلفة. ولكن لابد من تفاعل الجانب الآخر، أي المجتمع، لاستعمال هذه البيانات في القطاعات المختلفة، بعد المشاركة في الورش العلمية التي يجريها الفريق دورياً للمساعدة على فهم المهمة الاستكشافية وطرق الاستفادة منها.
وحول طموح دولة الإمارات لتكون من أوائل الدول التي ترسل إنساناً إلى سطح المريخ، قال شرف إن الإمارات مستعدة لتنفيذ أي مهمة تسهم في دفع طموحات البشرية في المرحلة المقبلة، لا سيما وصول البشر إلى المريخ، لافتاً إلى وجود مشروعات فضائية عدة لدى الدولة، سيُعلن عنها في المستقبل.