بقلم عائشة سلطان
وجاء عيد آخر، يوم وربما أيام مختلفة سنعيشها، وسنمارس فيها الوقت بشكل مختلف، أو يفترض أن يكون مختلفاً، شكل ينكسر فيه الزمن على حائط النهار، فلا النهار يشبه ما سبقه ولا نحن -كما يفترض- نشبه الذين كناهم قبل العيد.
العيد يوم فرح، هكذا يقول لنا الكبار في العائلة، فالجد يوصينا بلبس الجديد، والجدة برائحتها المحببة توصينا بالفرح، والأم برغم تعبها وضجرها توصينا بالفرح وبزيارة الأرحام، وحتى تلك الجارة العجوز التي لطالما احتملت إزعاجنا لها صغاراً وطرقنا على بابها طوال النهار دونما سبب، حتى هذه العجوز توصينا بأن نستقبل العيد بالفرح، تقول: العيد فرحة، والفرحة تليق بكم، افرحوا فالله يحب أن يراكم فرحين.
يفرح الناس على قدر ما يملكون، أو على قدر ما يفهمون ، وفي العيد أو خارجه فنحن نمارس حياتنا كلها وفق وعينا وفهمنا للحياة، كيف ننظر لها، كيف نقيم هدفها وقيمة وجودنا فيها، ماذا نريد، وإلى ماذا نسعى؟
العيد واحدة من تلك المناسبات التي ينتظرها الناس ويستعدون لها جيداً، ورغم أنه يعود ويكرر نفسه آلاف المرات، فإن الناس تعيد جدولة مشاعرها وتفرح بالعيد كأنه العيد الأول في حياتها؛ لأننا جميعاً بحاجة للفرح كحاجتنا للهواء والماء .
في حسابات الوقت فالعيد يوم عادي وزمن محايد، طقس أبيض تماماً، نحن من يعطيه انحيازاته وألوانه، نحن من يجعله مبهجاً، ونحن من نقرر أن نزيد في بركته وقيمته حين نصفح ونتسامح ونتحدث مع الجميع، وحين نتواصل مع كل من نعرف غير مكتفين بالرسائل الجاهزة والمنزوعة القيمة والعاطفة لكثرة تداولها بين الناس، نحن من يقرر أن يعيِّد بفرح بصحبة من يحب، أو أن يمارس هواية الشكوى: من الملل! فالملل فينا وفيما يحيط بنا وليس في العيد.
كل عيد وأنتم بخير وبهجة ومسرات.